responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 260
اجْعَلِ الضَّرْبَ، كَأَنَّهُ حِينُ مَجِيئِهِمْ وَوَاقِعٌ فِيهِ، وَالْقَرْيَةُ أَنْطَاكِيَّةُ وَالْمُرْسَلُونَ مِنْ قَوْمِ عِيسَى وَهُمْ أَقْرَبُ مُرْسَلٍ أُرْسِلَ إِلَى قَوْمٍ إِلَى زَمَانِ محمد صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ كَمَا بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى وقوله: إِذْ أَرْسَلْنا [يس: 14] يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ إِذْ أَرْسَلْنَا بدلا من إذ جاءها كأنه قال الضرب لَهُمْ مَثَلًا، إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَى أَصْحَابِ الْقَرْيَةِ اثْنَيْنِ وَثَانِيهِمَا: وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالْأَوْضَحُ أَنْ يَكُونَ إِذْ ظَرْفًا وَالْفِعْلُ الْوَاقِعُ فِيهِ جَاءَهَا أَيْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ حِينَ أَرْسَلْنَاهُمْ إِلَيْهِمْ أَيْ لَمْ يَكُنْ مَجِيئُهُمْ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ وَإِنَّمَا جَاءُوهُمْ حَيْثُ أُمِرُوا، وَهَذَا فِيهِ لَطِيفَةٌ: وَهِيَ أَنَّ فِي الْحِكَايَةِ أَنَّ الرُّسُلَ كَانُوا مَبْعُوثِينَ مِنْ جِهَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَرْسَلَهُمْ إِلَى أَنْطَاكِيَّةَ فَقَالَ تَعَالَى: إِرْسَالُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ إِرْسَالُنَا وَرَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ بِإِذْنِ اللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ فَلَا يَقَعُ لَكَ يَا مُحَمَّدُ أَنَّ أولئك كانوا رسل الرَّسُولِ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ فَإِنَّ تَكْذِيبَهُمْ كَتَكْذِيبِكَ فَتَتِمُّ التَّسْلِيَةُ بِقَوْلِهِ: إِذْ أَرْسَلْنا وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَسْأَلَةً فِقْهِيَّةً وَهِيَ أَنَّ وَكِيلَ الْوَكِيلِ بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ لَا وَكِيلُ الْوَكِيلِ حَتَّى لَا يَنْعَزِلَ بِعَزْلِ الْوَكِيلِ إِيَّاهُ وَيَنْعَزِلَ إِذَا عَزَلَهُ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلُ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِنَا: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا ضَرْبُ الْمَثَلِ لِأَجْلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وآله وسلم ظاهر. وقوله تعالى:

[سورة يس (36) : آية 14]
إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14)
فِي بَعْثَةِ الِاثْنَيْنِ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ وَهِيَ أَنَّهُمَا كَانَا مَبْعُوثَيْنِ مِنْ جِهَةِ عِيسَى بِإِذْنِ اللَّهِ فَكَانَ عَلَيْهِمَا إِنْهَاءُ الْأَمْرِ إِلَى عِيسَى وَالْإِتْيَانُ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ، وَاللَّهُ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَحْتَاجُ إِلَى شَاهِدٍ يَشْهَدُ عِنْدَهُ، وَأَمَّا عِيسَى فَهُوَ بَشَرٌ فَأَمَرَهُ اللَّهُ بِإِرْسَالِ اثْنَيْنِ لِيَكُونَ قَوْلُهُمَا عَلَى قَوْمِهِمَا عِنْدَ عِيسَى حُجَّةً تَامَّةً.
وَقَوْلُهُ: فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ أَيْ قَوَّيْنَا وَقُرِئَ فَعَزَزْنَا بِثَالِثٍ مُخَفَّفًا، مِنْ عَزَّ إِذَا غَلَبَ فَكَأَنَّهُ قَالَ فَغَلَبْنَا نَحْنُ وَقَهَرْنَا بِثَالِثٍ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَأَشْهَرُ وَتُرِكَ الْمَفْعُولُ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ فَعَزَّزْنَاهُمَا لِمَعْنًى لَطِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ بَعْثِهِمَا نُصْرَةُ الْحَقِّ لَا نُصْرَتُهُمَا وَالْكُلُّ مُقَوُّونَ لِلدِّينِ الْمَتِينِ بِالْبُرْهَانِ الْمُبِينِ، وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الأولى: النبي صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ بَعَثَ رُسُلَهُ إِلَى الْأَطْرَافِ وَاكْتَفَى بِوَاحِدٍ وَعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعَثَ اثْنَيْنِ، نَقُولُ النَّبِيُّ بعث لتقرير الفروع وهو دون الأصول فَاكْتَفَى بِوَاحِدٍ فَإِنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ فِي الْفُرُوعِ مَقْبُولٌ، وَأَمَّا هُمَا فَبُعِثَا بِالْأُصُولِ وَجَعَلَ لَهُمَا مُعْجِزَةً تُفِيدُ الْيَقِينَ وَإِلَّا لَمَا كَفَى إِرْسَالُ اثْنَيْنِ أَيْضًا وَلَا ثَلَاثَةٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ [القصص: 35] فذكر المفعول هناك ولم يذكره هاهنا مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَاكَ أَيْضًا نُصْرَةُ الْحَقِّ، نَقُولُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ هَارُونَ/ وَهَارُونُ بُعِثَ مَعَهُ بِطَلَبِهِ حَيْثُ قَالَ: فَأَرْسِلْهُ مَعِي [الْقَصَصِ: 34] فَكَانَ هَارُونُ مَبْعُوثًا لِيُصَدِّقَ مُوسَى فِيمَا يَقُولُ وَيَقُومُ بِمَا يَأْمُرُهُ، وَأَمَّا هُمَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مُسْتَقِلٌّ نَاطِقٌ بِالْحَقِّ فَكَانَ هُنَاكَ الْمَقْصُودُ تَقْوِيَةَ مُوسَى وَإِرْسَالَ مَنْ يُؤْنِسُ معه وهو هارون، وأما هاهنا فالمقصود تقوية الحق فظهر الفرق.

[سورة يس (36) : آية 15]
قالُوا مَا أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ (15)
ثُمَّ بَيَّنَ اللَّهُ مَا جَرَى مِنْهُمْ وَعَلَيْهِمْ مِثْلُ مَا جَرَى مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلم وعليه فقالوا: إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ [يس:
14] كما قال: إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ [يس: 3] وَبَيَّنَ مَا قَالَ الْقَوْمُ بِقَوْلِهِ: قالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ جَعَلُوا كَوْنَهُمْ بَشَرًا مِثْلَهُمْ دَلِيلًا عَلَى عَدَمِ الْإِرْسَالِ، وَهَذَا عَامٌّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قالوا في حق محمد: أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ [ص: 8] وَإِنَّمَا ظَنُّوهُ دَلِيلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَقِدُوا فِي اللَّهِ الِاخْتِيَارَ، وإنما

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 260
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست